المدرس والتلميذ: أدوار جديدة
5-1- بناء
التعلمات، فاعلية التلميذ، تغيير أدوار المدرس، ربط التعلمات بالسياقات الدالة
تستهدف الكفايات التكوين الشمولي للفرد لأن المقاربة
بالكفايات تعني تغيير الرؤية من منطق التخصص نحو تنمية أنشطة التعلم. سيصير
الأستاذ والمعلم موردا- مرشدا للتلاميذ في سياق دال ومهندسا ييسر اكتساب المعارف
وتطبيقها، وتنمية التعلمات حتى تنقل إلى سياقات خارجية. لهذا وجب التوفر على تعليم
مؤسس على حاجات التلاميذ عوض المحتوى المنقول إليهم، ثم إيجاد معنى للتعلمات حتى
نضمن أحسن طريقة لإدماج التلميذ في وضعيات تجعله يشارك بنشاط في بناء كفاياته، أي
أن يكون التلميذ مسؤولا عن تعلمه والأستاذ لا يعمل إلا على توفير الجو المناسب
وأدوات العمل. وأما الطرق التي ينبغي أن يسلكها المدرس في ذلك فهي عديدة منها
العمل في مجموعات ولعب الأدوار والتمثيل والعرض...وحل المشكلات والتعلم التشاركي
والتعاوني والنقاشات.
5-2- التعبئة للموارد: المعارف النسقية والوظيفية
إن الكفاية بوجه عام تستهدف التكوين الشمولي للفرد؛ لذلك
فإنها معرفة بالتعبئة التي تظهر في الفعل، وبممارسات ينبغي أن تكون نسقية ووظيفية
ومندمجة عوض النقل البسيط للمعارف.
5-3- بناء التعلمات، ربط التعلمات بالسياقات الدالة
*- تفرض
المقاربة بالكفايات تغييرا في الرؤية المنطقية للتخصصات نحو تنمية أنشطة
التعلم(…). سيصبح الأستاذ موردا (personne-ressource) ومرشدا
ومحفزا يشتغل في سياق دال.
وأما عن الممارسات البيداغوجية التي ينبغي أن يسلكها
المدرس فهي:
أولا: ذكر النتائج المنتظرة للتلاميذ في بداية الدرس.
ثانيا: سلك تعليم يقوم على حاجيات التلاميذ.
ثالثا: إضفاء المعنى على التعلمات.
رابعا: خلق وضعيات تجعل التلميذ يشارك بنشاط في بناء
كفاياته.
خامسا: استدماج التعلمات.
سادسا: تحويل التعلمات.
سابعا: التقويم التكويني طيلة سيرورة إنجاز أنشطة
التعلمات.
5-4- تجديد أدوار المدرسة والمدرس والتلميذ
5-4-1 المدرس
يفترض التدريس ببيداغوجيا الكفايات، في نظر فليب بيرنو،
من المدرس العمل بالمشاكل والمشاريع واقتراح مهام معقدة مما يعني افتراض بيداغوجيا
نشيطة ومفتوحة على وسط ومحيط المدرسة، ثم تملكه لرؤية سسيوبنائية وتفاعلية للتعلم.
وقد أجمل كل ذلك في معرفة المدرس بتدبير القسم كجماعة تربوية، ومعرفته بتنظيم
العمل داخل فضاء وزمن التكوين (أسلاك، مشاريع المدرسة)، ومعرفته بالتعاون مع
زملائه والآباء وراشدين آخرين، ومعرفته بتنشيط المشاريع وكل ما يعطي معنى للمعارف
والأنشطة المدرسية وخلق وتدبير وضعيات-مشاكل وتحديد العوائق وتحليل وتأطير المهام،
ومعرفته بملاحظة التلاميذ في العمل وتقويم الكفايات وهي في طور البناء.
ثم إن المدرس
كذلك هو المرشد الذي يعطي مهمة ويترك التلميذ يكتشف معارفه، مكتفيا بالمساعدة
والتشجيع ، وهو المصاحب والمرافق، وذلك دور جديد للمدرس ظهر مع ظهور التعلم عن
بعد، حيث كسرت دينامية الجماعة. فتارة يبدو المدرس ضمن هذا البعد مستشارا
بيداغوجيا و بالتحديد مصاحبا ومرافقا عوض التدريس والتكوين. فما أن يصبح التلميذ
أمام حاسوبه إلا وهو في حاجة إلى مصاحب لأن التلميذ سينتقل من وضعية تعلمية إلى
أخرى. وهو الوسيط أو المحفز، وهو الدور الجديد للمدرس. فما يلاحظه فليب بيرنو أن
المعارف النظرية موجودة في كل مكان، وهي تشبه محيطا من المعلومات وإذا لم نكن نعرف
الإبحار ولا السباحة قد نغرق فيه. وها هنا يبرز دور المدرس ليس كمالك للمعرفة فقط
ينشر ما يعرفه بين من لا يعرف، ولكن كوسيط و محفز وكرئيس فرقة تواصلية.
وهو الوصي أو المكلف بالتأطير والتكوين ومرافقة شخص خلال
مدة تكوينه.والوصي هو المكون الجديد، وهو الذي يمارس نشاطه في إطار التكوينات
المرنة المفتوحة وعن بعد. يضع من بين الأولويات التقويم والتتبع والمصاحبة.ويقوم
الوصي بعدة وظائف منها تحديد الأهداف من التكوين صحبة المتعلم، ثم تشكيل
المجموعات، وأخيرا التتبع البيداغوجي للتكوين (الإجابة عن أسئلة، تحليل التقدم في
التكوين...).
والوصاية هي تنظيم مساعدات لصالح شخص في طور التكوين.
وتناسب الوصاية البرامج المشخصة للمساعدة والتقدم في التكوين.
المدرس هو المنشط. والمنشط كلمة مشتقة من اللاتينية anima للدلالة على
الروح. فالمنشط هو من يعطي الروح للمجموعة، الذي يجعلها تحيى باستعماله لتقنيات
كثيرة. يرى روجر موتشللي المتخصص في تنشيط الجماعات أن المنشط اسم حديث للمسؤول
الموجه للاجتماعات أو المجموعات الذي يستعمل طرقا نشيطة لاستبدال المعلومة
المباشرة المقدمة من قبل المنشط بإيقاظ طاقة الجماعة.
ظهر التنشيط البيداغوجي في سنوات الستينيات من القرن
العشرين، وخاصة في التكوين المستمر حيث يجتمع المدرسون لاستكمال تكوينهم. والتنشيط
تقنية أو مجموعة من التقنيات المستعملة من قبل المنشط التي تقود الجماعة إلى إنتاج
الأجوبة. وقد يستعمل المنشط تقنية البانوبلي أو السؤال أو الزوبعة الذهنية
إلخ...يهدف التنشيط عامة إلى ضرب مركزية المدرس وسلطته وإعطاء الكلمة للتلميذ وجعل
الحق في الخطأ حقا للتلميذ ووسيلة للتعلم، بل جعل التلميذ مشاركا في بناء المعرفة
وموردا في الدرس ومساهما في الاكتشاف والبناء لا متفرجا ومتلقيا سلبيا مكتفيا برد
القول وتكراره وآلة تنسخ الدروس وتعيدها أثناء الامتحانات.
والمدرس كذلك هو المكون. والمكون لفظ يرادف المدرس حتى
ولو كان الاستعمال التقليدي يجعله خاصا بمكون الكبار الذي يتدخل لإعطاء تكوين في
ظرف وجيز متخصص.والمكون هو كل فرد قادر على وضع التصورات والتنظيم وتنشيط
التكوينات.
يجب على المدرس أن يدرك بأن التلميذ النشيط ليس بالضرورة
هو من يظهر نشاطه القابل للملاحظة العيانية؛ إذ يمكن أن يكون، حسب جون بياجي،
نشيطا فكريا. لا يمكن أن يرادف السلوك النشاط لأن السلوك ما هو إلا الجزء القابل
للملاحظة من النشاط.
يفيد النشاط الفعل أو الحركة. ويعتقد علماء النفس ذوي
الاتجاه المعرفي أن الفعل يكون إما بدافع أو بغاية، وبالتالي له غاية أو قصد أو
هدف. ويعبر عنه بقليل أو بكثير من الوعي. والفعل يدور في سياق مما يطرح مشكل
الاكراهات.
يرتبط النشاط عامة بالبيداغوجيا النشيطة، أي جعل التلميذ
ينخرط في الأنشطة التعلمية وأن يكون مساهما فيها وموردا بالنسبة للآخرين. وكل حدث
في القسم يشارك فيه المتعلم هو نشاط كنشاط القراءة والكتابة والرسم والتمارين
إلخ....ويشمل النشاط التعلم الذاتي؛ أي تحصيل وتنمية ذاتية للكفايات وفق بيداغوجية
مفردنة للتعليم والتقويم الذاتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق